لقد كان العرب في الجاهلية يحجون ويلبون، ولكنهم يلبسون حجهم وتلبيتهم بما كانوا عليه من الشرك بالله فيقولون: "ليبك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك، إلا شريكًا هو لك تملكه وما ملك".
وجاء النبي الخاتم ليعلن التوحيد ويهدم أركان الشرك، لبى بالتوحيد: "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك".
وكان بعض الناس يزيد على تلبية رسول اللَّه فلم ينكر عليهم ما داموا على التوحيد، ولكنه التزم هذه التلبية لا يزيد عليها، ففيها توحيد الله ونفي الشريك عنه، وإثبات الحمد والنعمة والملك لله وحده لا شريك. وقد صح عن ابن عمر أنه كان يلبي بتلبية رسول اللَّه ويزيد مع هذا:
"لبيك وسعديك، والخير بيديك، والرغباء إليك والعمل". رواه مسلم. "لبيك مرغوبًا ومرهوبًا إليك، ذا النعماء والفضل الحسن". ابن أبي شيبة- فتح الباري (3-410).
ويروى عن أنس: "لبيك حجًّا حقًّا تعبدًا ورِقًّا". وتبدأ التلبية عند الإحرام بالإهلال، وتستمر حتى يرى المعتمر الكعبة فيقطع التلبية ويبدأ الطواف، وتستمر مع الحاج حتى يرمي جمرة العقبة يوم النحر.
ويستحب رفع الصوت بالتلبية، فأفضل الحج العج والثج، والعج: رفع الصوت بالتلبية، والثج: إراقة الدماء يوم النحر. وفي الحديث يقول النبي : "أتاني جبريل فقال:
يا محمد، مُر أصحابك أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية فإنها من شعائر الحج". رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي.
وتكرار التلبية، وتكرار لفظ لبيك يفيد استمرار الإجابة، أي إجابة بعد إجابة. وقيل: التلبية من اللزوم والإقامة، والمعنى: أقمت ببابك إقامة بعد أخرى، وأجبت نداءك مرة بعد أخرى، ولازمت الإقامة على طاعتك.
لقد كان الصحابة يلبون إذا دعاهم رسول اللَّه فيقول الواحد منهم: لبيك رسول الله وسعديك، فالتلبية لرسول الله متابعة هديه وسنته، والتلبية لله توحيد وطاعة، والمؤمن لا ينفك عن التلبية والاستجابة حتى يلقى الله، ومن أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، وبشرته الملائكة برضوان الله فاستبشر، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه.
اللهم أوعدنا ولا تحرمنا من الحجم والعمرة انا واحبابي يارحمن يارحيم