وتهنئة إلى كل رجل، فالرجل لا يستطيع أن يعيش بدون تحمل ٍ للمسئولية وإحساس ٍ بالتكليف والسلطة، ولأن الله رفع الحرج وقلم التكليف عن الصغار، ووسع لهم أكثر من غيرهم فسأقول للمرأة أن تتقي ربها في قلبها وحبها، وللرجل أن يتقي ربه في سلطته ومسئوليته ومن تحت يده.
إن علينا في هذا العيد السعيد أن نفرح وأن نغتبط؛ لأن الله سبحانه وتعالى شرع هذا العيد لذلك، واعتبره عملاً تعبدياً عالياً، ووجهاً من وجوه الفرح بإتمام عدة الصيام والقيام، وتفاؤلاً بالقبول ورضى الله عز وجل عن المؤمنين والصائمين ودعاء خالصاً لكل الصائمين والقائمين بالتمام والقبول والفائزين (فمن الفايزين ومن العايدين)، فعلينا أن لا نؤجل فرحتنا بسبب هذه المصائب والمحن التي تتكرر لأجل أن نجعل من هذا الفرح فرصة للتفاؤل وداعماً نفسياً قوياً للعمل والبذل والتربية.
وإن من حق الإنسان على نفسه أن يشعرها بالفرحة وأن يشيع المعنى في نفسه أولا ويسعى لإشاعته عند الناس كلهم "قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون".
وأن يعلم الإنسان المسلم أيًّا كانت همومه واهتماماته أن لديه القدرة على أن يرى وجهاً رحيباً فسيحاً للحياة ولوناً جميلاً للأحياء والناس.
إن الذي أرتضيه لنفسي وأبنائي ومن حولي أن يستشعروا أن الحياة كما هي تحمل الفرص والبدائل وأشكال الموافقات والمفارقات، وأن فيها وجوهاً باسمة بالسعد والسعادة والرضا، وأن للإنسان قدرة على أن يفرح في كل الظروف، وفي كل الأحوال باعتدال وعقل، فهنيئاً لكم بالعيد الإسلامي العظيم وهنيئاً للعيد بكم، ولعل أجمل وأفضل قصائد العيد قصيدة المتنبي:
هنيئاً لك العيد الذي أنت عيده وعيد لمن سمى وضحى وعيدا
فذا اليوم في الأيام مثلك في الورى كما كنت فيهم أوحدا كان أوحدا
هو الجد حتى تفضل العين أختها وحتى يصير اليوم لليوم سيدا
وللصائم فرحتان أحدهما عند فطره كما أخبر الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم، فهذا الفطر العام في نهاية رمضان (العيد) حقيق بالفرح والابتهاج وإشاعة ذلك كله.هذه تهنئة بهذه المناسبة لكل طفل صغير يحمل قلباً مليئاً بالحب والبسمة الصادقة، فالطفل لا يمكن أن يعيش بدون الابتسامة والفرح، وفي داخل كل واحد منا ذكر أو أنثى معنى لطيف من معاني الطفولة في اللهو وحب الفرح والمرح حين يغدو الطفل جذلاناً لا يلوي على شيء:
ألمحت في الماضي البعيـ ـيد فتى غريرا أرعنا
يتسلق الأشجار لا ضجرا يحس ولا ونى
ويعود بالأغصان يبـ ـريها سيوفا أو قنى
أنا ذلك الطفل الذي دنياه كانت ها هنا
وكلنا يحس بداخله براءة تميل إلى الفرح والغبطة، وإشاعة روح السعادة والسرور والهناء فيا أيها الناس عُدّونا كباراً وقدّروا فينا هذه الطفولة البريئة، فالعقاد يقول:
أكْبروا شأني ولكن دللوا فيّ طفلا خالدا لا يكبر
وأعينوني فإن أسعدتكم بعدها فارضوا وإلا فاعذروا
وهذه تهنئة لكل امرأة فالمرأة لا تعيش بدون الحب والحنان والإحساس الدافئ والشعور المريح المرح.
إننا قد نحرم الناس وأنفسنا أحياناً من بهجة العيد وفرحته بسبب استدعاء آلام ومصائب الأمة ومحاولة إحضارها وتفكيكها بشكل تحريري وقوي، وكأننا نقول لأنفسنا: يجب أن لا نفرح وأن نكافح الفرح!
إن أهم وأعظم ما نستقبل به العيد المبارك هو أولا صفاء القلب وصفاء النية والتسامح والعفو والتراحم، فقد رأيت الكثير من الناس يحتفلون بالأشياء الظاهرة، وليس هناك احتفال بنفس القدر بالمعاني الباطنة كحسنات القلوب، فهل تستطيع أن تصفي قلبك وتستقبل العيد بنفس متسامحة تؤثر الحب والرحمة للناس والمودة؟
علينا أن نكون أمام محك اختبار: هل نحن قادرون على أن نصفي ونعالج قلوبنا، ونستقبل العيد بقلوب مفتوحة ومعان راقية، وأن نقبل فيه بالاستغفار والطاعة، وأن نسعى إلى تصحيح وتعميق روابطنا العملية والاجتماعية لمن حولنا لنكون من المقبولين والمداومين على العمل؟
اللهم اجعلنا من الفائزين، واجعلنا من المرحومين.