بسم الله الرحمن الرحيم

عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت :
" أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْوَحْيِ
الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ فِي النَّوْمِ
فَكَانَ لا يَرَى رُؤْيَا إِلا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ .
رواه البخاري .

بداية الوحى بالمنام للرسول وحكمة الله منذ ذلك  Attachment
فكان عليه الصلاة والسلام قبل نزول الوحي يرى الرؤيا الصالحة فتأتي مثل فلق الصبح،
ولعل الرؤيا الصالحة من تكريم الله للإنسان,
(( وَكَانَ يَخْلُو بِغَارِ حِرَاءٍ، فَيَتَحَنَّثُ فِيهِ ( أي يتعبد) اللَّيَالِيَ ذَوَاتِ الْعَدَدِ, قَبْلَ أَنْ يَنْزِعَ إِلَى أَهْلِهِ،
وَيَتَزَوَّدُ لِذَلِكَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى خَدِيجَةَ فَيَتَزَوَّدُ لِمِثْلِهَا ))
[أخرجه البخاري عن عائشة في الصحيح]


أول ما بُدِءَ به محمد -صلى الله عليه وسلم- من الوحي: الرُّؤيا الصَّالحة".
وتُسمَّى أحيانًا بالرُّؤيا الصَّادقة.[/color][/u]
والمُراد بالرُّؤيا: رؤيا جميلة، ينشرح لها الصَّدرُ، وتزكو بها الروحُ.
والحكمةَ من ابتداء الله تعالى رسولَه -صلى الله عليه وسلم- بالوحي بالمنام:

أنَّه لو لم يَبْتَدِئْهُ بالرُّؤيا وأتاه الملكُ فجأةً ولم يسبق له أن رأى ملكًا من قبل؛ فقد يُصيبه شيءٌ من الفزع؛
فلا يستطيع أن يتلقَّى منه شيئًا، لذلك اقتضت


حكمةُ الله تعالى أن يأتيه الوحي أولًا في المنام؛ ليتدرَّب عليه ويعتاده.
والرُّؤيا الصَّادقة الصَّالحة جزءٌ من ستَّةٍ وأربعين جزءًا من النُّبوة،
كما في الحديث عنه -عليه الصَّلاة والسَّلام.
وقد ذكر غيرُ واحدٍ أنَّ مدَّة الرُّؤيا الصَّالحة كانت ستَّة أشهرٍ،

والرُّؤيا الصَّالحة من المُبَشِّرات كما قال -عليه الصَّلاة والسَّلام.

ثم حُبِّبَ إليه الخَلاءُ، فكان يخلو بغار حِرَاء فيتَحَنَّث فيه -أي يتعبَّد-
وقد اختلف العلماءُ في صفة تعبُّده -عليه الصَّلاة والسَّلام
- كيف كان يتعبَّد؟ وبأيِّ شريعةٍ كان يتعبَّد؟

فقال بعضُهم: كانت العبادة: التَّأمُّل والتَّفكُّر في ملكوت السَّماوات والأرض،
والتَّفكُّر عبادة دعانا اللهُ -عز وجل- إليها.
وقال بعضُهم: كان -عليه الصَّلاة والسَّلام-
يتعبَّد الله -عز وجل- بشريعةٍ من شرائع إبراهيم -عليه الصَّلاة والسَّلام.

فكانت هذه الخَلْوةُ التي حُبِّبت إلى نفس النبي -صلى الله عليه وسلم-
لونًا من ألوان الإعداد الخاصّ، وتصفيةً للنَّفس من علائق المادة البشريَّة،


إلى جانب تعهُّده الخاصّ بالتربية الإلهيَّة، والتَّأديب الرَّباني في جميع أحواله.