بسم الله الرحمن الرحيم فوائد من كتاب (المنار المنيف) للإمام ابن القيم، تحقيق: عبد الفتاح أبو غدة، مكتبة المطبوعات الإسلامية، حلب، الطبعة: الأولى، 1390هـ/1970م.
• لا يلزم من كثرة الثواب أن يكون العمل الأكثر ثوابا أحب إلى الله تعالى من العمل الذي هو أقل منه، بل قد يكون العمل الأقل أحب إلى الله تعالى، وإن كان الكثير أكثر ثوابا، وهذا كما في المسند عنه صلى الله عليه و سلم أنه قال: "دم عفراء أحب إلى الله من دم سوداوين" يعني في الأضحية، وكذلك ذبح الشاة الواحدة يوم النحر أحب إلى الله من الصدقة بأضعاف أضعاف ثمنها وإن كثر ثواب الصدقة, وكذلك قراءة سورة بتدبر ومعرفة وتفهم وجمع القلب عليها أحب إلى الله تعالى من قراءة ختمة سردا .. ومن هذا سبق درهم مئة ألف درهم...ص 29
• العمل اليسير الموافق لمرضاة الرب وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم أحب إلى الله تعالى من العمل الكثير إذا خلا عن ذلك أو عن بعضه...ص30
• "ليبلوكم أيكم أحسن عملا" العمل الأحسن: هو الأخلص والأصوب، وهو الموافق لمرضاته ومحبته دون الأكثر الخالي من ذلك..ص 31
• لا ريب أن تلك التوبة الصادقة أفضل وأحب إلى الله تعالى من أعمال كثير من التطوعات وإن زادت في الكثرة على التوبة..ص 31
• القبول له أنواع: قبول رضا ومحبة واعتداد ومباهاة وثناء على العامل به بين الملأ الأعلى، وقبول جزاء وثواب وإن لم يقع موقع الأول، وقبول إسقاط للعقاب فقط وإن لم يترتب عليه ثواب وجزاء كقبول صلاة من لم يحضر قلبه في شيء منها فإنه ليس له من صلاته إلا ما عقل منها فإنها تسقط الفرض ولا يثاب عليها...ص 32
• الأعمال تتفاضل بتفاضل ما في القلوب من الإيمان والمحبة والتعظيم والإجلال وقصد وجه المعبود وحده دون شيء من الحظوظ سواه، حتى لتكون صورة العملين واحدة وبينهما في الفضل ما لا يحصيه إلا الله تعالى، وتتفاضل أيضا بتجريد المتابعة فبين العملين من الفضل بحسب ما يتفاضلان به في المتابعة، فتتفاضل الأعمال بحسب تجريد الإخلاص والمتابعة تفاضلا لا يحصيه إلا الله تعالى .. ص..33
• قوله: "وزنة عرشه" فيه: إثبات للعرش، وإضافته إلى الرب سبحانه وتعالى وأنه أثقل المخلوقات على الإطلاق إذ لو كان شيء أثقل منه لوزن به التسبيح..ص36
• "صيام ثلاثة أيام من كل شهر تعدل صيام الشهر" ذكر في هذا الحديث سببه وهو أن الحسنة بعشر أمثالها، فهو يعدل صيام الشهر غير مضاعف لثواب الحسنة بعشر أمثالها، فإذا صام ثلاثة أيام من كل شهر وحافظ على ذلك فكأنه صام الدهر كله..ص38.
• "من صام رمضان وأتبعه بست من شوال فكأنما صام الدهر"في كونها من شوال سر لطيف وهو أنها تجري مجرى الجهران لرمضان وتقضي ما وقع فيه من التقصير في الصوم، فتجري مجرى سنة الصلاة بعدها ومجرى سجدتي السهو ولهذا قال: "وأتبعه" أي ألحقها به ..ص39
• الأحاديث الموضوعة عليها ظلمة وركاكة ومجازفات باردة تنادي على وضعها واختلاقها على رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل حديث: "من صلى الضحى كذا وكذا ركعة أعطي ثواب سبعين نبيا" وكأن هذا الكذاب الخبيث لم يعلم أن غير النبي لو صلى عمر نوح عليه السلام لم يعط ثواب نبي واحد ...ص 50
• أمور كلية يعرف بها كون الحديث موضوعا :
1- اشتماله على المجازفات التي لا يقول مثلها رسول الله صلى الله عليه وسلم ..ص50
2-ومنها: تكذيب الحس له كحديث: "الباذنجان لما أكل له" ..ص51
3-ومنها: سماجة الحديث وكونه مما يسخر منه كحديث: "لو كان الأرز رجلا لكان حليما ما أكله جائع إلا أشبع"..54
4-ومنها: مناقصة الحديث لما جاءت به السنة الصريحة مناقضة بينة .. ص56
5-ومنها: أن يدعى على النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعل أمرا ظاهرا بمحضر من الصحابة كلهم وأنهم اتفقوا على كتمانه ولم ينقلوه، كما يزعم أكذب الطوائف أنه صلى الله عليه وسلم أخذ بيد علي بن أبي طالب رضي الله عنه بمحضر من الصحابة كلهم وهم راجعون من حجة الوداع فأقامه بينهم حتى عرفه الجميع، ثم قال: "هذا وصيي وأخي والخليفة من بعدي فأسمعوا له وأطيعوا" ثم اتفق الكل على كتمان ذلك وتغييره ومخالفته فلعنة الله على الكاذبين....ص58
6-ومنها: أن يكون الحديث باطلا في نفسه فيدل بطلانه على أنه ليس من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم ,كحديث المجرة التي في السماء من عرق الأفعى التي تحت العرش ..ص59
• كل "حديث فيه "يا حميراء" أو ذكر "الحميراء" فهو كذب مختلق.
7-ومنها: أن يكون كلامه لا يشبه كلام الأنبياء فضلا عن كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي هو وحي يوحى فيكون الحديث مما لا يشبه الوحي بل لا يشبه كلام الصحابة كحديث "ثلاثة تزيد في البصر النظر إلى الخضرة والماء الجاري والوجه الحسن" وهذا الكلام مما يجل عنه أبو هريرة وابن عباس بل سعيد بن المسيب والحسن بل أحمد ومالك رحمهم الله..ص62
• (كل حديث فيه ذكر حسان الوجوه أو الثناء عليهم أو الأمر بالنظر إليهم أو التماس الحوائج منهم أو أن النار لا تمسهم فكذب مختلق وإفك مفترى) ص..63
8-ومنها: أن يكون في الحديث تاريخ كذا وكذا مثل قوله: "إذا كان سنة كذا وكذا وقع كيت وكيت وإذا كان شهر كذا وكذا وقع كيت وكيت" ..ص63
9-ومنها: أن يكون الحديث بوصف الأطباء والطرقية أشبه وأليق، كحديث: "الهريسة تشد الظهر" ..ص64
10-ومنها: أحاديث العقل، كلها كذب، كقوله: "لما خلق الله العقل قال له: أقبل فأقبل ثم قال له: أدبر فأدبر فقال: ما خلقت خلقا أكرم علي منك بك آخذ وبك أعطي" ..ص66
11-ومنها: الأحاديث التي يذكر فيها الخضر وحياته كلها كذب ولا يصح في حياته حديث واحد. ص67
12-ومنها: أن يكون الحديث مما تقوم الشواهد الصحيحة على بطلانه..ص 76
13-ومنها: مخالفة الحديث صريح القرآن، كحديث مقدار الدنيا وأنها سبعة آلاف سنة ونحن في الألف السابعة..ص 80
• (حديث أبي هريرة: "خلق الله التربة يوم السبت.. الحديث" وهو في صحيح مسلم، ولكن وقع الغلط في رفعه، وإنما هو من قول كعب الأحبار كذلك قال إمام أهل الحديث محمد بن إسماعيل البخاري في تاريخه الكبير، وقاله غيره من علماء المسلمين أيضا وهو كما قالوا؛ لأن الله أخبر أنه خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام وهذا الحديث يقتضي أن مدة التخليق سبعة أيام والله تعالى أعلم) ص84-86
• (كل حديث في الصخرة فهو كذب مفترى والقدم الذي فيها كذب موضوع)..ص87
• لما أراد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن يبني المسجد الأقصى استشار الناس هل يجعله أمام الصخرة أو خلفها، فقال له كعب: يا أمير المؤمنين ابنه خلف الصخرة، فقال: يا ابن اليهودية خالطتك اليهودية بل أبنيه أمام الصخرة حتى لا يستقبلها المصلون، فبناه حيث هو اليوم ..ص88
14-ومنها: أحاديث صلوات الأيام والليالي، كصلاة يوم الأحد وليلة الأحد ويوم الإثنين وليلة الإثنين إلى آخر الأسبوع كل أحاديثها كذب.. وكذلك أحاديث صلاة الرغائب ليلة أول جمعة من رجب كلها كذب مختلق..ص 95
• (كل حديث في ذكر صوم رجب وصلاة بعض الليالي فيه فهو كذب مفترى..ص 96).. وأقرب ما جاء فيه ما رواه ابن ماجه في سننه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام رجب..ص 97
15-ومنها: أحاديث صلاة ليلة النصف من شعبان..ص98
وهذه الصلاة وضعت في الإسلام بعد الأربع مئة ونشأت من بيت المقدس فوضع لها عدة أحاديث..ص 99
16-ومنها: ركاكة ألفاظ الحديث وسماجتها بحيث يمجها السمع ويدفعها الطبع ويسمج معناها للفطن، كحديث: "أربع لا تشبع من أربع أنثى من ذكر وأرض من مطر وعين من نظر وأذن من خبر"..ص 99
وحديث: "ارحموا عزيز قوم ذل وغني قوم افتقر وعالما يتلاعب به الصبيان"..ص100
17-ومنها: أحاديث ذم الحبشة والسودان كلها كذب، كحديث: "الزنجي إذا شبع زنى وإذا جاع سرق".
18-ومنها: أحاديث ذم الترك وأحاديث ذم الخصيان وأحاديث ذم المماليك، كحديث: "لو علم الله في الخصيان خيرا لأخرج من أصلابهم ذرية يعبدون الله"..ص101
19-ومنها: ما يقترن بالحديث من القرائن التي يعلم بها أنه باطل..ص 102
• جوامع وضوابط كلية:
• أحاديث الحمَام بالتخفيف لا يصح منها شيء..ص106
أرفع شيء جاء فيها إنه رأى رجلا يتبع حمامة فقال: "شيطان يتبع شيطانة"..ص107
• ومنها: أحاديث اتخاذ الدجاج وليس فيها حديث صحيح..ص108
• ومنها: أحاديث ذم الأولاد كلها كذب من أولها إلى آخرها..ص109
• ومنها: أحاديث الاكتحال يوم عاشوراء والتزين والتوسعة والصلاة فيه وغير ذلك من فضائل لا يصح منها شيء ولا حديث واحد و لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه شيء، غير أحاديث صيامه وما عداها فباطل..ص111
• ومنها: ذكر فضائل السور وثواب من قرأ سورة كذا فله أجر كذا من أول القرآن إلى آخره..ص112
• (قال الحافظ أبو يعلى الخليلي في كتاب الإرشاد وضعت الرافضة في فضائل علي رضي الله عنه وأهل البيت نحو ثلاث مئة ألف حديث.قال ابن القيم: ولا تستبعد هذا فإنك لو تتبعت ما عندهم من ذلك لوجدت الأمر كما قال..ص116)
• قال إسحاق بن راهوية: لا يصح في فضائل معاوية بن أبي سفيان عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء، قلت –ابن القيم-: ومراده ومراد من قال ذلك من أهل الحديث: أنه لم يصح حديث في مناقبه بخصوصه وإلا فما صح عندهم في مناقب الصحابة على العموم ومناقب قريش فمعاوية رضي الله عنه داخل فيه..ص116
• ومن ذلك: الأحاديث في ذم معاوية وكل حديث في ذمه فهو كذب.
• وكل حديث في ذم عمرو بن العاص فهو كذب .
• وكل حديث في ذم بني أمية فهو كذب.
• وكل حديث في مدح المنصور والسفاح والرشيد فهو كذب .
• وكل حديث في مدح بغداد أو ذمها والبصرة والكوفة ومرو وعسقلان والإسكندرية ونصيبين وأنطاكية فهو كذب.
• وكل حديث في تحريم ولد العباس على النار فهو كذب .
• وكذا كل حديث في ذكر الخلافة في ولد العباس فهو كذب .
• وكل حديث في مدح أهل خراسان الخارجين مع عبد الله بن علي ولد العباس فهو كذب .
• وكل حديث فيه أن مدينة كذا وكذا من مدن الجنة أو من مدن النار فهو كذب .
• وكذلك أحاديث ذم الوليد وذم مروان بن الحكم.
• وحديث ذم أبي موسى من أقبح الكذب..ص117
• وكل حديث فيه أن الإيمان لا يزيد ولا ينقص فكذب مختلق.
• وكل حديث في التنشيف بعد الوضوء فإنه لا يصح..ص119
• وأحاديث الذكر على أعضاء الوضوء كلها باطل ليس فيها شيء يصح..ص120
• ومن ذلك أحاديث التحذير من التبرم بحوائج الناس ليس فيها شيء صحيح ..ص126
• ومن هذا أحاديث مدح العزوبة كلها باطل.
• ومن ذلك أحاديث النهي عن قطع السدر..ص127
• ومن ذلك أحاديث النهي عن الأكل في السوق كلها باطلة.
• ومن ذلك أحاديث فضائل الأزهار.
• ومن ذلك أحاديث فضائل الديك كلها كذب إلا حديثا واحدا: "إذا سمعتم صياح الديكة فاسألوا الله من فضله".. ص130
• ومن ذلك أحاديث الحناء وفضله والثناء عليه وفيه جزء لا يصح منه شيء وأجود ما فيه حديث الترمذي: "أربع من سنن المرسلين السواك والطيب والحناء والنكاح"، وسمعت شيخنا أبا الحجاج المزي يقول: هذا غلط من بعض الرواة وإنما هو الختان بالنون ..ص131
وصح حديث الخضاب بالحناء والكتم..ص132
• ومن ذلك: أحاديث لا يدخل الجنة ولد زنا.ص133
• ومن ذلك: حديث ليس لفاسق غيبة.
• ومن ذلك: أحاديث اللعب بالشطرنج إباحة وتحريما كلها كذب عليه صلى الله عليه وسلم.. ص134
• مسألة:
وقد اختلف الناس في المهدي على أربعة أقوال:
أحدها: أنه المسيح ابن مريم وهو المهدي على الحقيقة .
واحتج أصحاب هذا بحديث محمد بن خالد الجندي "لا مهدي إلا عيسى ابن مريم" وقد بينا حاله وأنه لا يصح.
القول الثاني: أنه: المهدي، الذي ولي من بني العباس وقد انتهى زمانه .
واحتج أصحاب هذا القول بما رواه أحمد في مسنده..عن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: إذا رأيتم الرايات السود قد أقبلت من خراسان فائتوها ولو حبوا على الثلج فإنه فيها خليفة الله المهدي.
وعلي بن زيد قد روى له مسلم متابعة ولكن هو ضعيف وله مناكير تفرد بها فلا يحتج بما ينفرد به.
القول الثالث: أنه رجل من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم من ولد الحسن بن علي يخرج في آخر الزمان وقد امتلأت الأرض جورا وظلما فيملأها قسطا وعدلا وأكثر الأحاديث على هذا تدل.
فائدة: وفي كونه من ولد الحسن سر لطيف: وهو أن الحسن رضي الله تعالى عنه ترك الخلافة لله فجعل الله من ولده من يقوم بالخلافة الحق المتضمن للعدل الذي يملأ الأرض وهذه سنة الله في عباده أنه من ترك لأجله شيئا أعطاه الله أو أعطى ذريته أفضل منه وهذا بخلاف الحسين رضي الله عنه فإنه حرص عليها وقاتل عليها فلم يظفر بها والله أعلم .
وأما الرافضة الإمامية فلهم قول رابع وهو: أن المهدي هو محمد بن الحسن العسكري المنتظر من ولد الحسين بن علي لا من ولد الحسن..ص148-152
• (ولقد أصبح هؤلاء-الرافضة- عارا على بني آدم وضحكة يسخر منها كل عاقل)..ص153